معاُ في رحاب شهر رسول الله

حينما نريد أن نتحدث عن أي شهر من هذه الشهور الأنثى عشر وعن أي الأعمال المرتبطة بهذه الشهور سواء كان أعمال خاصة أم عامة هذه الأعمال التي هي وسيلة وليست غاية في حياة الإنسان إنما الغاية هي أن يصل الإنسان إلى ذلك الكمال المنشود .

حينما يصل الإنسان إلى كماله فقد وصل إلى الحق جل وعلا فقد وصل على معرفة نفسه وإذ عرف الإنسان نفسه عرف ربه ، عرف حقيقة ذلك الخالق جل وعلا حينما ندعو بفنون الدعوات في فذا الشهر المبارك ( شهر شعبان ) ، نريد أن نصل إلى ذلك القرب الإلهي ذلك القرب يصلنا إلى حقيقة أنفسنا حينما ننسى الله ننسى أنفسنا حقيقتاً كما قال تعالى : ﴿  ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم   [1]  

وقال سبحانه أيضاً : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى  [2] 

إذن لا بد آن نبتغي ذلك الكمال المنشود الذي يوصلنا إلى الحق جل وعلا بل ليس الوصول إلى الخالق فقط بل يوصلنا إلى معرفة المعصومين محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين .

أهم مراحل لهذا الطريق ، هو أن نرى الله حاضرا في جميع شؤون حياتنا ، حتى نتمكن بهذا الشهود من السفر إليه فلا يصل العبد إلى حضور المولى إلا عندما يرى مولاه حاضراً وناظراً في جميع الأحوال إلى أعماله وافعاله . فإذا حصل له ذلك فإنه لن يهم بأي عمل إلا وفق إرادته ، وهذا ما يوصله إليه . لهذا ، إذا أراد الإنسان أن يحصل على مقعد عند الله ، ينبغي في البداية أن يرى الله حاضراً وناظراً في جميع شؤونه ثم بعد ذلك يؤدي على أساس هذا الشهود جميع الأعمال خالصة لوجه الله . فإذا قام بذلك فغنه يصل إلى حضور الله .

إحدى الآيات التي يعد الالتفات إليها مؤثراً في طي هذا الطريق الآية المباركة من سورة الحشر ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ   [3]  

فهذه الآية تدعونا على أصلين أخلاقين ، الأول المراقبة والثاني المحاسبة . فكل إنسان مكلف بمراقبة نفسه ومحاسبتها ، فيراقبها في أفعالها وتصرفاتها وأقوالها ويحاسبها ، فإذا عمل خيراً شكر الله وإذا عمل سؤاً أستغفر الله وتاب إليه .

الآية الأخرى التي تلعب دوراً مؤثراً في طي هذا الطريق أيضاً الآية الكريمة : ﴿  وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه   [4]   فهيتخاطب خاتم الأنبياء ، ثم تنتقل إلى خطاب الناس مؤكدة على حضور الله وشهوده لكل أفعال البشر .

فليس الله شاهداً على أعمال النبي وتبليغه فحسب ، وليس الله شاهداً على أفعال المؤمنين في الدنيا فحسب ، بل إنه شاهد على كل إنسان صالح أو غير صالح ، فعل حقاً أم باطلاً في أي زمان أو مكان ، في الشرق أو الغرب في الأرض أو السماء .

فإذا أدرك الإنسان إنه في حضور الله تقدست ذاته ، يسعى لأن يجعل كل أعماله موافقة لإرادة الله وخالصة لوجهه سبحانه .  فالله يقول ﴿  وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً   [5]  

فليس الله هو الشاهد وحده ، وإنما ملائكته وأولياءه . فالأئمة المعصومون عليهم السلام شاهدون على أفعالنا . وهم حاضرون إلى جانب أعمالنا بنور السماوات  والأرض ، وسوف يأتي ذلك اليوم الذي سوف نشاهد فيه أعمالنا حاضرة لدينا ، وهناك لن ينكر أحد ما فعله .

  لنغتنم فرصة هذه الشهور الفاضلة من رجب وشعبان ورمضان

 لم لا وشهر شعبان قد فتح أبواب التوبة والتوسل والدعاء للخالق لنتجه مسرعين إلية بكل أشواقنا إلى خالق الكون وإلى نبيه ووصيه وأهل البيت عليهم السلام ، فشهر شعبان من أعظم الشهور عند الله سبحانه وتعالى ، فهو شهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيه مولد ثار الله الإمام الحسين عليه السلام ، وحامل راية الحسين عليه السلام في كربلاء أبو الفضل العباس ، وبقية الله في أرضه والآخذ بالثأر من قتلة الحسين الشهيد عليه السلام إمام العصر والزمان الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .

ولهذا الشهر فضل عظيم فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة ( يا أهل يثرب إني رسول الله إليكم إلا إن شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري ) .

  الأعمال العامة :

  • الصوم : فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( شعبان شهري ، فمن صام يوماً من شهري وجبت له الجنة ))
  • الصدقة : ( سئل الصادق ما أفضل ما يفعل في شهر شعبان ، فقال : الصدقة والاستغفار ، ومن تصدق بصدقة في شعبان رباها الله كما يُربي  أحدكم فصيله ، حتى يوافي يوم القيامة وقد  صار مثل اُحد )) .
  • التذكر : أن يقول في شهر شعبان ألف مرة (( لا إله إلا الله ولا نعبد إلا  مخلصين له الدين ولو كره المشركون )).
  • الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد .
  • الصلاة : الصلاة في الليالي الثلاث من أول الشر ركعتين في كل ركعة يقرأ الحمد مرة والتوحيد إحدى عشر مرة .

الصلاة في كل خميس ركعتان في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد مئة مرة فإذا سلم صلى على النبي وآله مئة مرة . ويستحب صيام هذا اليوم أيضاً .

  • الدعاء : الدعاء في كل يوم منه صباحاً ومساءً بهذا الدعاء (( ما شاء الله توجهاً إلى الله ، ما شاء الله استكانة الله ، ما شاء الله تصرفاً إلى الله ، ما شاء الله تعهداً لله ، ماشاء الله  تلطفاً لله ، ما شاء الله استعانة بالله ، ماشاء الله استغاثة بالله ، ماشاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله )) .

كذلك قراءة المناجاة الشعبانية وهي مناجاة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام  وفيها معاني عظيمة ينبغي التدبر فيها للاستفادة منها وهي تبدأ بـــ ( اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي ، إذا دعوتك ، واسمع ندائي إذا ناديتك ............)

  الأعمال الخاصة :

  • الليلة الأولى : يستحب فيها الاستهلال والقول عند رؤية هلال شعبان :

(( اللهم هذا هلال شهرِِ قد ورد وأنت أعلم بما فيه من الإحسان فاجعله اللهم بركاتِ وسعادات كاملة الأمان والغفران والرضوان ، وماحية الأخطار في الأعيان والأزمان ، وحامية من أذى أهل العصيان والبهتان ، وشرفنا بأمثال مراسمه وألحقنا بشمول مراحمه ومكارمه ن وطهرنا فيه  تطهيراً نصلح به أحد من أهل الإسلام والإيمان برحمتك يا أرحم الراحمين )) .

  • اليوم الأول :

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( فو الذي بعثني بالحق نبياُ إن من تعاطي باباً من الخير في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤيده إلى الجنة ، وإن من تعاطي باباً من الشر في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم فهو مؤيده إلى النار فمن تطوع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، ومن صام في هذا اليوم تعلق منه بغصن ، ومن أصلح بين المرء وزوجه والوالد وولده والقريب وقريبه والجار وجاره والأجنبي والجنبي فقد تعلق بغصن منه ، ومن خفف معسر ... ومن كفل يتيماً .. ومن كف سفيهاً .. ومن تلا القرآن ... ومن قعد تعلق منه بغصن ( لكل منها غصن )

  • اليوم الثالث : وفيه ولد الإمام الحسين عليه السلام يستحب فيه الصوم والدعاء بــِ

(( اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود .. )) ودعاء كـ (( رب اللهم أنت متعالي المكان عظيم الجبروت ..) ينبغي تعظيم هذا اليوم وإحياؤه بالزيارة وغيرها .

  • ليلة النصف من شعبان

وهي ليلة كثيرة البركات وهي أفضل الليالي بعد ليلة القدر لا يُرد فيها سائل قال عنها الإمام الباقر عليه السلام

(( إنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ماجعل ليلة القدر لنبينا عليه السلام وهي ليلة ميلاد العصر وإمام الزمان أرواحنا فداه له وفيها أعمال

  1. الغسل .
  2. إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار .
  3.  زيارة الحسين .
  4. ذكر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ..مائة مرة .
  5.  الصلوات الواردة عن الإمام زين العابدين اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة ..)
  6.  السجود والدعاء ركعات بالحمد مرة والتوحيد مئة مرة في كل ركعة
  7. الدعاء ومنه دعاء كميل ، ودعاء بحق ليلتنا هذه ومولدها ....))
  8. دعاء التوسل بصاحب العصر والزمان ، دعاء العهد
  • الليلة الأخيرة : دعاء ( اللهم إن هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القرآن وجعل هدى للناس ) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين

[1] سور الحشر 19
[2] (124) سورة طـه
[3] (18) سورة الحشر
[4] سورة يونس
[5] سورة يونس