اشكاليات القراءات المعاصرة للنص الديني

شبكة مزن الثقافية مجلة الشهيد .

 

أجرت نشرة (رسالة المؤتمر) ـ وهي نشرة خاصة صدرت بمناسبة انعقاد (مؤتمر العودة الى القرآن) في دورته السابعة والذي اقامته حوزة القائم (عج) العلمية بدمشق حوارا مفتوحا

مع سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي

تحت عنوان (إشكاليات القراءات المعاصرة للنص الديني) ونظرا لأهمية الحوار ننشر نص الحوار ممهدا بمقدمة لـ(رسالة المؤتمر):
شهد العالم الإسلامي في العقود الثلاثة الماضية صحوة إسلامية حاولت اعادة الاسلام للحياة بروح جديدة وواعدة، واستطاعت هذه الصحوة ان تحقق الكثير مما طمحت به، ولا يزال عليها الكثير أيضا.
تخللت هذه الصحوة العديد من التيارات الفكرية التي انطلقت معلنة ان الاسلام هو الحل، وفي نفس الوقت تمايزت فيما بينها في المناهج التي من خلالها تطبق هذا الشعار، او ما يمكن تسميته تعدد القراءة للنص الديني، وهذا شكل تيارات متعددة في ساحة العمل الإسلامي.
ولم تخل هذه القراءات من الزلل المنهجي في قراءاتها، والتي ربما في بعضها يلغى الدين عن بكرة أبيه، وذلك يرجع الى عدة أسباب، منها المنهجية الفكرية البحتة، ومنها السياسية، ولتسليط الاضواء على ذلك التقينا بأحد اقطاب هذه الصحوة الإسلامية، والذي تميز أو كانت ميزته الأولى هي المعالجة المنهجية للعقل الإسلامي من خلال ما انتج في العقود الثلاثة الماضية حيث انتج في البعد العقائدي (الفكر الإسلامي مواجهة حضارية)، وفي الفلسفة والكلام انتج (العرفان الإسلامي)، و(مبادئ الحكمة)، وفي المنطق أنتج (المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه)، وفي القران أنتج بحوثا في القران الحكيم ثم تلاها بتفسير للقران الكريم (من هدى القران)، وفي مجالات الفقه والأصول أنتج (التشريع الإسلامي مناهجه ومقاصده)، الذي وصل إلى تسعة أجزاء، هذه الشخصية هي سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي.
وإليك عزيزي القارئ النص الكامل لما دار في هذا اللقاء:
* سماحة السيد، ثمة محظور منهجي تنبهنا عليه الروايات الشريفة، وهو التفسير بالرأي، والذي يعني إسقاط الخلفية الفكرية على النص الديني أو ما يسمى بالخلفية (الأيدلوجية)، فهل هذا المحظور يمكن الفرار منه، أي هل يمكن لأي منا أن يتجاوز مسبقاته الفكرية عند قراءته للنص الديني؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، كيف يمكن ذلك؟
* بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ..
القرآن الكريم جاء علاجا لما في الصدور التي تعني الوساوس الشيطانية حسب المنطق القرآني: وتعني بالضبط جملة أو منظومة الأفكار التي لا صلة لها بالحقائق، سواء كانت مستمدة من التراث، أو من المجتمع، أو من هوى النفس، أو من الصفات الرذيلة للإنسان، فإذا اختلط النص القرآني بهذه الوساوس الشيطانية، معنى ذلك أن تفسيره قد قل أو عدم في علاج ما في الصدور (الوساوس)، وهذه هي المشكلة الخطيرة. فإذا قرأنا القرآن منطلقين من الوساوس، ومؤطرين بأطرها، فهذا هو التفسير بالرأي، وبعبارة أوضح نقول أن التفسير بالرأي هو: أن نجعل القرآن في إطار رأينا، لا أن يكون محكا للرأي، أي أن نقرأه في قوالب الرأي وليس ميزانا للرأي.
ومن اجل أن نتجاوز ذواتنا وآراءنا، ووساوس الشيطان المتعشعشة في صدورنا، ولكي نقرأ القرآن لا أن نقرأ انفسنا باسم القرآن، نحن بحاجة إلى الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان اللعين الرجيم (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)، فمن دون الاستعانة بالله، أي من دون الاستعانة بينبوع القوة، والعزة، والإرادة لكي يجعلنا قادرين على تجاوز ذواتنا كيف سنستطيع ذلك؟. القرآن الكريم في ذات الآيات التي يتحدث فيها عن الاستعاذة (وإذا قرأت القرآن .. ) يبين أن مشكلة الإنسان أنه يزعم أن أفكاره هي الحتميات، وأن للشيطان عليه سلطانا، في حين أن القران ينفي هذا السلطان ويقول: إنما سلطان الشيطان وهيمنته على الذين يتولونه، ويستسلمون له. فمادام الإنسان يستسلم للوساوس فالوساوس بالنسبة إليه حتميات واما اذا تحدى الوساوس فهي بالنسبة له ليست حتميات وإنما اقتضاءات أو ضغوط، و الإنسان يستطيع أن يتحداها ويتجاوزها دون أن تستطيع أن تسيطر عليه.
ثم يبين القرآن الكريم ان هذه الضغوط تتبدد وتتلاشى اذا توكل الإنسان على الله سبحانه وتعالى، وبإيجاز شديد نحن بحاجة عند قراءتنا للقرآن الى:
الإرادة التي بها نتجاوز ذواتنا.
والتوكل عليه والثقة به.
* سماحة السيد، هنالك محاولات لإسقاط بعض المناهج الغربية اللغوية في قراءة النص الديني، كالبنيوية، والتفكيك.. وغيرها، مع ملاحظة ان هذه المناهج غير منفصلة البتة عن خلفياتها الفلسفية، وقد لاقت هذه المناهج قبولا في عالمنا الإسلامي والعربي. كيف تقيمون هذه المناهج، ومدى صلاحيتها لقراءة النص الديني؟
* القرآن الكريم نزل من السماء، ولأنه نزل من السماء فهو لا يحمل معه عناصر الأرض السلبية، مثلا القرآن ليس ابن الجزيرة العربية بالرغم من انه جاء باللغة العربية، لذلك لا تجد فيه اي اثر للعنصرية، او الإقليمية، او القومية، فهو كتاب إلهي شمولي ليس لأهل الأرض فقط بل لكل ما في الكون من خليقة. ونحن اذا وضعنا القرآن الكريم بجانب بعض الأشعار العربية التي كانت سائدة حين نزوله نجد الفارق كبيرا جدا. مثلا اذا وضعناه بجانب أشعار امروء القيس التي هي مجموعة غرور، وفخر، وكبر، وذاتيات، وأنانيات، وشهوات.. لا تجد شيئا منها في القرآن، ومعنى ذلك ان القرآن حين نزل، نزل نقيا من المحيط والبيئة.
وما دام الأمر هكذا يبقى ملاحظة هذه الخاصية أيضا في منهج قراءة القرآن.
فالقرآن له منهجه الخاص به، واذا أردنا ان نخضعه للمناهج والأساليب البشرية فمعناه أننا أفسدناه، وجعلناه شيئا بشريا، لأن هذه المناهج متأثرة بشكل او بآخر بالظروف والمحيط، لذلك ترى انه منذ أن نزل القرآن الكريم حاولت بعض النظريات المختلفة ان تخترق جدار هذا الكتاب الإلهي فلم تفلح. حاولوا ان يضعوه في قوالب منطق أرسطو ففشلوا!، وفي مناهج المنطق التجريبي ففشلوا أيضا. وهذه القراءات الجديدة او المناهج. كما أسميتموها. وغيرها هي الأخرى مصيرها الفشل. لماذا؟ لأنه جنس القرآن او عنصره او ذاته ليس أرضيا حتى يخضع للقوانين الأرضية.
* سماحة السيد، هناك في علم أصول الفقه مقولة: انه لو كان للشريعة منهج خاص للفهم اللغوي غير الأعراف اللغوية لبانت (لو كان لبان)، ولنهى الشارع عن استخدامها، فهل يفهم من كلامكم ان للقرآن والسنة (النص الديني) منهجا خاصا للفهم غير الأعراف اللغوية العقلية؟
* القرآن الكريم أقر عقل الإنسان وفهمه، لكن لم يقر الملابسات السلبية المختلفة لهذا العقل كما بينا في جوابنا السابق. أما لو كان لبان، فالقرآن أشد بيانا وأوضح تبيانا من أن نقول ان فيه غموضا في ما يتصل بمنهج فهمه، فالقرآن يحمل في ذاته منهج فهمه، مثلا الآيات الأولى في القرآن من سورة الحمد (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.. إهدنا الصراط المستقيم) هذه الآية تعطينا ملمحا عن منهج الفهم القرآني، وفي السورة الثانية (البقرة) عندما يقول الله سبحانه وتعالى (هدى للمتقين..) أيضا الحديث عن الغيب والتقوى، التي تشكل ملامح أخرى للمنهج القرآني.
لكن الذي لا يزال يعيش في زنزانة ذاته، ومناهجه ووساوسه ومحيطه لا يفهم القرآن، بل يحاول ان يقولب القرآن ضمن قوالبه لا ان يقولب نفسه ضمن القرآن، او بتعبير آخر يريد ان ينزل القرآن ويجعله جزئا من ذاته وكيانه ونفسه، وليس يرتفع حتى يصل الى القرآن وحقائقه.
* سماحة السيد، هنالك من يفصل بين الإسلام بما هو إسلام، وبين فهم الإسلام، والذي يعني الأول أنه معصوم وخال من الزلل، منزل من الله تعالى، في حين أن الثاني هو نتاج بشري يحمل معه كل خصائص البشرية، من الخطأ، والسهو، والغفلة، الاشتباه .. وغيرها، وللزمان والمكان تأثير كبير عليه، حتى أن هذا التأثير (التحول، التغيير) يمس الثوابت أيضا، أي أن الثوابت من صنع فهم الإنسان للدين وليس من الدين. ما هو رأي سماحتكم بهذه المقولة؟
* أولا: ينبغي أن نطرح التساؤل التالي: هل في القران ثوابت أم لا؟ إن قيل لا والقرآن ليس فيه ثوابت إذا ماذا يريد أن يصنع القرآن إذا لم تكن له ثوابت، وإذا كان يتغير ويتأثر بالظروف المحيطة فأي علاج فيه لمشاكل البشرية مادام هو الآخر متأثرا ولا يملك ميزانا، وفرقانا، وهدى، ومحكمات .. فأي حل فيه. ثم ان هذا الكلام يعني إلغاء القرآن، لأن الشك يتسرب إلى كل جزيئة جزيئة من جزيئات القرآن، وإلى كل فكرة فكرة فيه، وإلى كل بصيرة بصيرة فيه.
وإذا كانت المقولة هكذا ان القرآن يحتاج إلى الفهم العرفي، والفهم العرفي يتغير فالقرآن يتغير، والفهم العرفي يخطأ فالقرآن يخطأ أيضا .. وهذا التسلسل ينتهي إلى إلغاء القرآن ودوره في قيادة البشرية وهدايتها. وهذا الكلام يخالف أولا فلسفة وجود القرآن، إذن لماذا جاء الوحي مادام الوحي لا يستطيع معالجة مشاكل البشرية الفكرية بل ويتأثر بها، ويؤطر بأطرها؟
ثانيا: هذا يخالف نص القرآن الكريم القائل (بأنه لا ريب فيه هدى للمتقين)، فالقرآن لا شك في أنه هدى، وفي آيات أخرى أنه ضياء وذكر وفرقان وإلى آخره من الكلمات المضيئة التي يسمي نفسه بها.
ثالثا: القرآن الكريم بصراحة يقول: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب)، إذ هنالك محكمات، والمحكمات ماذا تعني ان لم تعني الثوابت، والفرقان والميزان، والقدرة على تمييز الحق من الباطل.
رابعا: القرآن، عملا في التاريخ خلال أربعة عشر قرنا صاغ أجيالا متتالية من البشر لم يتأثروا بالظروف والمقتضيات والحتميات. حسب تعبير الماديين.. ولو كان القرآن خاضعا لفهم الناس في كل أموره لكان يصاغ ولا يصوغ، يتأثر ولا يؤثر.
نعم هنالك من البشر فئات ممن حاولوا قراءة القرآن بأفكارهم ووساوسهم، فلم يجدوا فيه ثباتا لأنهم أرادوا اخضاعه لمفاهيمهم فانحرفوا، فهؤلاء ليست لهم ثوابت، لأنهم أعادوا قراءة أنفسهم باسم القرآن، ونحن لا نتحدث عن هؤلاء، إنما نحن ندعي ونؤكد بأن الأجيال المتتالية من العلماء من فجر الإسلام وإلى الآن كانت مفاهيمهم واحدة، وقيمهم واحدة أيضا، وموازينهم كذلك، وهؤلاء موجودون الى الآن. مع ان الظروف والأمصار والأعصار والحياة تغيرت إلا أنهم بقوا على ثباتهم، يعني انهم فوق الظروف والمتغيرات.
هذا لا يعني ان ليس في القرآن متشابهات، بل هنالك متشابهات (وأخر متشابهات)، وهذه المتشابهات لا ينفك تشابهها بالاعتماد على الظروف والمتغيرات، إنما بالاعتماد على القرآن نفسه، لأن القرآن يقول: (منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات) (أم الكتاب) يعني ميزان الكتاب ومقاييسه، فالمتشابهات ترد الى المحكمات فينتهي تشابهها، ويصل الناس الى الفهم الصحيح للقرآن.
* ثمة مقولة تقول، ان الدين الإسلامي وخصوصا في بعده الفقهي، كلما تقدم الزمان كلما ازداد يسرا، وليونة، وانفتاحا، في حين انه في السابق أكثر ميلا الى التشدد والانغلاق، خصوصا في عصر تخلف الفقه، فمثلا الموسيقى كان ينظر إليها في السابق بنظرة متشددة جدا، في الوقت الذي نرى الآن بعض الفقهاء أجازوها، او حتى في مسائل الحج، او المرأة.. وغيرها. فهل ترون ان هذه المقولة صحيحة، وما هو سببها، هل للمناهج الأصولية والفقهية دخل بها، فتكون المسألة مسألة منهجية؟
* القرآن المجيد وبقية الأدلة الشرعية الأخرى هي فوق النفسيات، ولا يعني هذا ان نفوس بعض الناس لا تتأثر بآرائهم، او لا تتأثر آرائهم بتلك النفوس (منهجياتهم)، قد يكون هنالك جيل لسبب او لآخر يريد تغليب جانب العسر والتشدد في فهم الدين، وجيل آخر يغلب جانب اليسر، وكل يستمد فكره ومنهجه من النصوص القرآنية، هذه المشكلة مشكلته وليست مشكلة القرآن (النص الديني)، مثل ذلك كثير حتى في القوانين الحديثة، هنالك بعض القضاة او المحامين يعتمد على بعض النصوص ويركز عليها ويحاول ان يجدد قراءته بين الحين والآخر، بينما محامي او قاضي آخر يواجه ذات النصوص وذات القانون لكن يركز على نصوص أخرى. هذه مشكلة المحامي او القاضي وليست مشكلة النص القانوني، كذلك بالنسبة للكتاب المجيد، لعل هنالك من يشدد على اسم الله سبحانه وتعالى بأنه (عزيز ذو انتقام)، وآخر يشدد على اسم أنه (غفور رحيم)، القرآن نفسه ليس فيه تناقض، لكن مشكلة هذا الانسان انه يركز على نص دون الآخر، هذا من الناحية النظرية.
أما من الناحية العملية، فتقييم الماضي والحاضر يثبت العكس مما ذكر بالسؤال، فنحن نجد الآن وفي القرن الواحد والعشرين هنالك من يتشدد في فهم الدين، ويفرط في الأمور الضيقة فيه، فهؤلاء نفوسهم تميل الى التشدد، والعنف، والتكلف، مع العلم ان بعض هؤلاء يعيشون في قلب الحضارة الغربية مثلا، بل وهذا التشدد. أحاينا يأتي بسبب اصطدامهم بالحضارة الغربية، والكل يعرف ان هنالك من هم من تنظيم (القاعدة) و(طالبان) من درس في الغرب مع هذا ففهمه للدين كان فهما خاطئا، فهل هذا يعني أنهم يعيشون في القرون الوسطى، او القرون الأولى، بالطبع لا، لأنه في تاريخنا كان هنالك أناس متشددون وفي المقابل كان هنالك أناس انفتاحيون، ففي وصف الصنف الأول يقول الإمام الصادق : ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم، وان الدين أوسع من ذه الى ذه وهو يشير الى ما بين السماء والأرض. يعني ان سعة الدين اوسع من ما بين السماء والأرض، وان الخوارج كانوا متشددين، متطرفين إرهابيين.. سمهم ما شئت، مع أنهم كانوا يعيشون في العصر الأول، واليوم عندنا نماذج من هذا النوع.
ومن الناس من يقول ان علينا تسهيل الأحكام على الناس، ولهؤلاء مثيل في التاريخ أيضا.
ثم ما من رأي فقهي اليوم الا وله في تاريخنا مثيل، ولا يعني هذا ان تغير الزمن يغير في فهم الحكم، مثلا الموسيقى كم من الفقهاء اليوم في هذا العصر يجيزونها، وكم منهم يحرمونها؟ وكان في السابق من يجيزها ومن يحرمها فهذا التجويز والتحريم ليس له اي علاقة بالظروف. نعم قد يكون هنالك عسر وحرج، وفي ذات الدين نصوص تنفي العسر والحرج، وهذا لا يتصل بفهم الدين إنما الظروف الموضوعية التي يراد تطبيق الدين فيها.
* منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وأنتم منشغلون في البعد الفكري بالمعالجات المنهجية في العقل الإسلامي، ولعل هذه هي سمتكم الأولى، سواء في الجانب العقائدي، او الفلسفي الكلامي، او في المنطق، او الأصول والفقه (التشريع)، بعد هذه الرحلة الطويلة كيف تقيمون هذه التجربة، وإلى أين وصلتم، وهل تعتقدون ان حققتم الكثير فيم كنتم تطمحون إليه، ثم ما هو مشروعكم القادم بعد (التشريع الإسلامي)؟
* في الحقيقة أن محاولاتي هي أن أصل إلى ما وصل إليه سلفنا الصالح والأفاضل من العلماء الذين فهموا القرآن بعيدا عن المؤثرات الثقافية السلبية الوافدة من الأفكار الفلسفية والمنطقية وما أشبه، ولا أدعي أنني ابتدعت طريقا ومنهجا جديدا في فهم القرآن المجيد، ومناهج التدبر فيه، إنما أدعي أنني وصلت إلى بعض ما وصل إليه علماءنا الأفذاذ في التاريخ، وفي هذه العقود الثلاثة كنت تلميذا أولا للوحي والعقل، الذي اعتقد انهما قبسان من مصباح واحد من ثم العلماء، الذين اقتبسوا منهما وساروا على نهجهما.
أما عن مشروعي بعد (التشريع الإسلامي) فهو كما تعرفون مشروع (الوجيز الفقهي) الذي هو محاولة كتابة جديدة في الفقه الإسلامي تتميز بنسبة معينة بالاقتراب من النصوص الشرعية، ومحاولة استنطاقها، وربط الأحكام بها، أو بتعبير آخر ربط بيانها و إلا فهي نصوص موجودة والعلماء استشهدوا بها، وهذه صياغة للفقه العملي ليس إلا.
وبعد ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لـ(التفسير الموضوعي للقرآن الكريم). ومن ثم نرى ما يجب علينا فعله ونسأل من الله أن يوفقنا لذلك.