مستلقيًا أو جالسًا أو متكئا على أحد جانبيك؟ ماذا تقول الدراسات العلمية عن

أفضل طريقة لتناولك دواءك

  • مقدمة غسان علي بوخمسين، صيدلاني أول، مستشفى جونز هوبكنز

يعتبر تناول الأدوية ممارسة مهمة يحتاجها جميع الناس تقريباً، قد تكون بنحو متقطع أو دائم.  ولأن الدواء مادة فعالة حيوياً، ينبغي الاستفادة منها بالشكل الأمثل، ولذلك يجب اتخاذ كل الاحتياطات والوسائل للاستفادة منها بأقصى درجة ممكنة وتلافي الأعراض الجانبية.

بعض الأدوية تتأثر سلباً، من ناحية الامتصاص، بالطعام، نتيجةً لذلك، على المريض مراعاة هذا الجانب وأخذها على معدة فارغة، وبعضها الآخر تسبب أعراضًا هضمية غير مريحة، مثل الغثيان أو حموضة المعدة، لذلك ينبغي أخذها مع الطعام، وبعضها الآخر يُفضل أخذها في وقت محدد من اليوم لتعطي المفعول الأمثل، مثل بعض أنواع حبوب الكوليسترول، أو التي تسبب هبوطاً للضغط، لذا يفضل أخذها قبيل النوم.

كذلك ينبغي مراعاة أخذ الأدوية في مواعيدها المنتظمة ، لتلافي أخذ جرعة مضاعفة أو فقد جرعة علاجية، مما قد يؤدي إلى حصول انتكاسة صحية.  أحد الطرق المقترحة هي، استعمال الأدوات المساعدة مثل عبوات تنظيم الحبوب، او تقنيات التذكير بموعد الحبوب في مواعيد التلفونات الذكية واستخدام المنبهات وغيرها من الأدوات المساعدة، لضمان تناول الأدوية في مواعيدها المطلوبة.

الدراسة المنشورة أدناه، عبارة عن محاكاة حاسوبية لدراسة الوضعية المثلى لتناول الأدوية من ناحية الامتصاص والتوزيع، وهي مقدمة جيدة لعمل دراسات إكلينيكية على البشر أكثر دقة وموثوقية، للتأكد من النتائج.  وهذا قد يعطي مزيداً من المعلومات بخصوص طريقة امتصاص الأدوية المختلفة وتوزيعها بالشكل المطلوب في الجسم.

  • الدراسة المترجمة

عندما يصرف الصيدلي أقراص أدوية أو كبسولات ، فإنهم ينصحون عادةً المرضى بموعد وعدد مرات تناولها، وما إذا كان يجب أن يكون تناولها مع الطعام أو بدونه.  ولكنهم، بشكل عام، لا يقولون للمريض ما إذا كان عليه أن يتكيء على أحد جانبيه عند بلعه للقرص / الكبسولة.  لكن الأبحاث الأولية من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة تشير إلى أن هذه الوضعية قد تحسن من سرعة امتصاص الدواء وبدء مفعوله(1).
تستند النتائج على محاكاة كمبيوترية، وليس على مرضى فعليين، وقد لا تكون مطابقة لما يجري لو جُربت على مريض حقيقي، فمن السابق لأوانه اقتراح اتخاذ وضعية اليوغا عند تناول الدواء.

رسم تخطيطي يوضح الوضع الطبيعي للمعدة بالنسبة إلى الجسم والمواضع النسبية 
المختلفة للمعدة بما يتعلق باتجاه الجاذبية التي تم تناولتها في هذه الدراسة.

لكن يمكن أن يكون وضع الجسم أثناء تناول الحبوب أو الكبسولات مهمًا، من أجل الراحة أو السلامة.
ماذا يحدث عندما يبتلع الشخص دواءه؟
بمجرد أن يبلع المريض قرصًا أو كبسولة، تنتقل من البلعوم إلى المعدة. هناك، يتنفش القرص ويتحلل، أو تنفتح الكبسولة.  عند ذلك  يذوب الدواء ويتمكن الجسم من امتصاصه.

لا يبدأ امتصاص معظم الأدوية حتى تصل إلى الأمعاء الدقيقة.  ومع ذلك، من المحتمل أن تُمتص بعض الأدوية، مثل الأسبرين، في المعدة بسبب بيئتها الحمضية [قبل وصولها الأمعاء الدقيقة].

هناك عدة عوامل أخرى أيضًا قد تؤثر في أين وكيف يُمتص الدواء.

هذه العوامل تشمل مدى سرعة تحلل القرص وتحرير الدواء، ومدى سرعة انتقال محتويات الدواء المبتلعة من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، وكمية الغذاء والشراب المستهلكة قبل تناول الدواء، ومدى سهولة امتصاص الدواء عبر بطانة الأمعاء.
ماذا عن هذه الدراسة الأخيرة؟
استخدم الباحثون الأمريكان محاكاة حوسبية(2) لدراسة كيف تؤثر وضعية الجسم في مدى امتصاص الأدوية(1).
استخدم الباحثون برنامجًا طوروه لمحاكاة عدة طرق لتناول قرص الدواء: الجلوس / الوقوف مستقيم الظهر، أو الميل بالجسم (الإتكاء) إلى اليسار أو إلى اليمين، أو الميل به إلى الخلف.

  • الاتكاء ناحية اليمين عند تناول الدواء

أثبت الباحثون أن الميل بالجسم بمقدار 45 درجة ناحية اليمين يدعم حركة أسرع لمحتويات المعدة تجاه الاثني عشر (وهو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة). وهذا من شأنه أن يسمح بامتصاص قرص الدواء بسرعة أكبر ويبدأ مفعوله.

قد تكون النتائج مهمة بالنسبة للأدوية التي قد ترغب في أن تبدأ مفعولها بسرعة، كما هو الحال في أدوية الألم أو الأدوية المستخدمة لعلاج النوبة القلبية.
هناك بالفعل بعض الأدلة السابقة(3) من مرضى حقيقيين تشير إلى أن وضعية الجسم قد تؤثر في مدى امتصاص الأدوية.  يتضمن هذا خيار الميل إلى اليمين.  لكن المؤلفين أقروا أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في الامتصاص، وليس الأمر مقتصرًا على وضعية الجسم فحسب.

متى يكون الجلوس أو الوقوف هو الوضع الأفضل لتناول الأدوية؟

قد ينصحك الصيدلي أحيانًا بابتلاع الدواء وأنت جالس أو واقف أو مستلقٍ لأسباب أخرى غير أسباب تسريع امتصاص الدواء.

على سبيل المثال، بعض الأدوية قد يكون لها اعراض جانبية، مثلًا في حال تسبيبها حرقة المعدة (ارتجاع المعدة) ، حيث يتسرب حمض المعدة من المعدة وينتقل إلى المريء (والمسمى أنبوب الطعام)(4).  وتشمل هذه العقاقير المسببة لحرقة المعدة الأدوية المضادة للالتهابات ألَّاستيرويدية(5)، كـ إيبوبروفين ibuprofen (نوروفين Nurofen) وديكلوفيناك (ڤولتارين Voltaren) ومكملات الحديد.  لذلك إذا كانت هذه الأدوية تمثل مشكلة بالنسبة للشخص، فقد يكون من الأفضل أن  يتناول هذه الأدوية جالسًا أو واقفًا، ولا يستلقي بعد ذلك مباشرةً. وبذلك لأن تسرب حمض المعدة رجوعًا إلى المريء غير محتمل.

  • تناول الدواء واقفًا

يمكن لبعض الأدوية أن تعمل تهيجًا للبلعوم لو علقت هناك.  ذلك لأنها تلحق الضرر بالحاجز المخاطي الواقي الذي يبطن المريء والمعدة، مما يسبب تهيجًا والتهابًا.  بالنسبة لهذه الأدوية، من المهم أن يتناولها المريض جالسًا أو واقفًا، ويبقى منتصب الظهر لمدة 30 دقيقة بعد تناولها.  وتشمل هذه المضادات الحيوية الـ دوكسيسيكلين doxycycline، والأدوية المعروفة باسم البايفوسفونيت bisphosphonates (لهشاشة العظام)، مثل ريزدرونات risedronate (أكتونيل Actonel) وأليندرونات alendronate (فوساماكس Fosamax).

  • تناول الدواء جالسًا

ماذا عن الاستلقاء؟
ثلاثي نترات الجليسريل glyceryl trinitrate (النيترولينجوال nitrolingual) هو رذاذ يرش تحت اللسان.  يُصرفلا هذا الدواء للأشخاص الذين يعانون من الذبحة الصدرية، وهي نوع من ألم الصدر ناجم عن مشكلة قلبية.  ينصح الصيادلة المرضى بالجلوس أو الاستلقاء قبل استخدام هذا الرذاذ لأنه يمكن أن يسبب انخفاضًا مفاجئًا في ضغط الدم ، مما يجعل المريض يشعر بدوار شديد.

  • تناول الدواء مستلقيًز

من المعروف أيضًا أن أدوية القلب الأخرى، مثل مدرات البول، تسبب الدوار.  على الرغم من أن المريض لا يحتاج عادةً إلى تناول هذه الأدوية وهو مستلقٍ، فلو شعر بالدوار فمن الأفضل له أن يجلس أو يستلقي، ويتأكد من أنه في حال أراد الوقوف بعد ذلك أن يقف بشكل بطيء [تدريجي].

هناك أيضًا أدوية يمكن أن تسبب النعاس أو تجعلك تشعر "بالدوار /  أو الشعور بتشوش الذهن".  قد تشمل هذه الأدوية مسكنات الألم القوية (مثل المواد الأفيونية)، والأقراص المنومة، وبعض أدوية الصرع، أو أدوية بعض حالات الصحة العقلية / النفسية، كما في حالات القلق أو الفصام.  هذه الأدوية لا يحتاج المريض إلى ابتلاعها وهو مستلقٍ، لكن الاستلقاء يمكن أن يساعده لو شعر بالدوار أو النعاس.

  • ماذا لو كنت غير متأكد؟

في المرة القادمة التي يصرف لك الصيدلي دواءً، ما لم يقدم لك إرشادات محددة بشأن وضع الجسم (وضعية الجلوس أو الوقوف أو الاستلقاء) أثناء تناول الدواء، فلك، بشكل عام، خيار تناول الدواء في أي وضعية تشعر أنها أكثر راحة لك.

إذن، ماذا عن هذه الأدلة الحديثة التي تفيد أن الميل بالجسم إلى (الاتكاء على) الجانب الأيمن قد يكون مفيدًا؟ في هذه المرحلة، من المحتمل ألا تسمع من الطبيب أو الصيدلي توصية بضرورة الإتكاء على أحد الحانبين حين تتناول أدويتك، وذلك بانتظار إجراء المزيد من الدراسات.
لكن في المرة القادمة التي تحتاج فيها إلى تناول دواء للألم، طالما أن الوضعية التي تختارها مريحة بالنسبة لك ، فلا تتردد في تجربتها لمعرفة ما إذا بإمكانها أن تخفف الألم بشكل أسرع.